أنواع الإصابة بالصّمم و هل تعني بالضرورة الإعاقة السمعية ؟
الصمم هو عبارة عن سلسلة متصلة تتدرج من الصمم الخفيف، أو ما يسمى بصعوبة السمع إلى الصمم الكلي، كما أنه لا يوجد نوع واحد من الصمم، بحيث يمكن أن يكون الصمم مؤقتًا أو دائمًا أو منذ الولادة ( أو ما يعرف بالصمم الخلقي) أو مكتسبًا في مراحل مختلفة من الحياة، ناهيك عن الصمم المفاجئ الذي قد يصيب الإنسان دون سبب يذكر كما قد يظهر تدريجيا دون الشعور به.
كل هذا قد يقودنا الى تعريفات خاصة جدًا… فالصمم الخلقي على سبيل المثال، أو الصمم الذي يبدأ قبل سن الكلام بالنسبة للأطفال بين سن 18 شهرًا و عامين، يعد مسؤولا عن الصعوبات التي تواجه الطفل اثناء اكتساب اللغة.
كما أن هذه الأسباب لا تواجه الشخص المصاب بالصمم التدريجي، حيث نجده يتكيف تدريجيًا مع إعاقته و ينجو من الصمم بشكل أو بآخر.
أما الصمم المفاجئ، الذي يحدث بين عشية وضحاها، سواء كان نتيجة حادث أو مرض، فإنه يغرق ضحيته فجأة في هاوية لا توصف ولا يمكن تصورها للسمع.
و عليه فليس كل فقدان للسمع يعتبر عميقا، و ليس كل نقص في السمع يعتبر جزئيا بل يتضرر السمع بحسب الحالة : فهناك من يعتبر نفسه أصما لأنه لا يمكنه سماع ما يسمعه الآخرون مثلا، في حين قد يرتبط الصمم بصفيرالصوت و/أو ما يسمى بالطنين.
من المؤكد جدًا أنه حين تتعطل فيه أداة السمع سيكون ذلك أمرا محزنا لقساوة التعايش مع الصمم، فالصمم ببساطة لا يعني عدم القدرة على سماع هذا الضجيج أو ذاك الصوت، بل ذلك منوط بقياس درجة السمع في مكان تحيط به العوازل، و في ظل الصوت الحاد هناك من لا يتحمل حدته و يلجأ إلى تغطية أذنيه، مقارنة ببعض الأشخاص الذين يمكنهم التعامل مع حدة الصوت دون انزعاج.
أما حدة الصوت أو ’hyperacousie…
هناك من أساء فهم l’hyperacousie ما جعله يخطئ في التعامل مع هذا المفهوم، بحيث يمكن أن تتسبب أصوات تبدو غير ضارة (أصوات السكاكين و الملاعق ، صرخات الأطفال ، و حركة المرور…)، بحيث يفرط الشخص في الإستماع و هذا ما يجهد الأذن و يؤثر على قدرة السمع، لكن ذلك يصعب إستكشافه إلا من خلال إختبارت السمع، و يبقى مجرد عرضا و احتمالا بالنسبة للأطباء.
أما بالنسبة إلى الطنين أو صفير الأذن، فهوتصورات صوتية وهمية، يصعب أيضًا على الطبيب استكشافها – وغالبًا ما يصعب على المريض تحملها – كما نجدها تملأ استشارات أطباء الأنف والأذن والحنجرة أو أطباء الأعصاب، و هذا ما يجعل ” تحديد الصوت ” أمر يتزايد بسرعة في الوقت الحاضر.
الصمم والإعاقة السمعية
الصمم… كلمة قد يعتبرها البعض مخيفة إذا ما تم ربطها بالإعاقة ، يستمد البعض القوة منها بينما يجد البعض الآخر صعوبة في تقبلها.
فلا يجب أن تعتقد أن كل من بقوم بإستشارة أخصائي يكون مصابا “بإعاقة ” نتيجة الصمم ، أو أن يعلن أنه ” أصم “. فغالبا ما يكون الشرح المقدم للطبيب مفيدا : حيث يتم الاعتراف يعدم بإمكانية العيش والتواصل كما قبل، هذا هو بالضبط التعريف الاصح للإعاقة السمعية.
الإعاقة وعلاقتها بحاسة السمع
تُعرِّف منظمة الصحة العالمية (WHO) الإعاقة بأنها “محدودية إمكانيات الفرد للتفاعل بسبب ضعف يتسبب في عجز دائم أو مفترض، والذي يؤدي في حد ذاته إلى ضرر معنوي أو اجتماعي أو جسدي”، كما أنه يؤكد على خطر الاستبعاد الذي تؤدي إليه الإعاقة.
فمما لاشك فيه أن الصمم -من خلال التعريف السابق – يحدث عند إصابة الأذن الداخلية حيث يكون هناك إحساس كبير لترددات الأصوات العالية، و الحادة، أما الحروف الساكنة ، فقد نسمع ترددها دون تمييزها، وهذا كله قابل للقياس بوسائل قياس السمع.
الإعاقة السمعية مسألة شخصية و قرار ذاتي
ومع ذلك، فإن تصور الإعاقة لدى المريض ليس قابلاً للقياس الكمي، ولكنه شخصي بشكل حازم، كما أن المعاناة الناجمة عن فقدان السمع لا يمكن تقديرها إلا من قبل مقدمي الرعاية الصحية، فقد لا يكتشف عن أي خلل أثناء فحص قياس السمع.
كما يمكننا محاولة جعل القياس أكثر موضوعية من خلال استكمال اختبارات قياس السمع بالتحدث أثناء وجود الضوضاء، ولكن مرة أخرى يكون القياس مختلفا في الحياة اليومية لكل مريض على حده، و يبقى تقييم الإعاقة شخصيًا وذاتيًا.
لما كل هذا التباطؤ في العلاج ؟
غالبًا ما يكون الإقبال على تصحيح ضعف السمع متأخرا، فمن بين 100 شخص قالوا إنهم يعانون من ضعف السمع، 74٪منهم قاموا باستشارة طبيبا عاما أو أخصائيا، بينما 48٪ منهم فقط يقررون المضي قدمًا في رحلة العلاج و 34٪ فقط سيحصلون على جهاز.
سيتطور الصمم عند ثلثي المصابين حتى ولو جهزوا بمعينات طبية
على الرغم من أن المعينات السمعية لا تزال تشكل هاجسا لدى المرضى، إلا أن المريض ليس وحده المسؤول : بحيث يظهر في ضوء البحوث و الدراسات، أن أخصائيي الصحة الذين تمت استشارتهم لم يقوموا بتقديم الدافع الكافي لتحفيز المريض وتشجيعه، وبذلك، يكون غالبية ضعاف السمع قد خسروا وقتا ثمينا في رحلة علاج أسماعهم.