يتسبب ضعف حاسة السمع لدى الأطفال في التأثير سلبا على التطور اللغوي لديهم، إذ لا يمكن أن يحدث هذا التطور بشكل سليم إلا إذا تمتع الأطفال بحاسة سمع سليمة في الأساس، و لتدارك الأمر وضمان تطور لغوي سليم للطفل، لا بد من اكتشاف مثل هذه الاضطرابات بشكل مبكر وعلاجها في الوقت المناسب.
ويوضح خبراء و أخصائيو علاج أمراض التخاطب والسمع، الأنف ،الأذن والحنجرة : أن عدم قيام الطفل الرضيع حتى عمر ستة أشهر بأية محاولات للكلام أو الهمهمة يمكن أن يشير إلى إصابته بضعف حاسة السمع، كما أن عدم استجابة الطفل البالغ عامين سوى للأصوات العالية الموجهة له وعدم قيامه بنفس الاستجابات للأصوات الصادرة من خارج محيطه يمكن أن ترجع إلى السبب نفسه أيضا.
كما أنه يولد نحو طفلان إلى ثلاثة أطفال من كل ألف طفل وهم يعانون من ضعف شديد في حاسة السمع، مع التأكيد إلى أن خضوع الطفل للعلاج بصورة مبكرة وعلى نحو سليم يعد الطريقة المثلى لإتاحة الفرصة له للتمتع بتطور طبيعي بعد ذلك.
ويؤكد الأطباء على أهمية خضوع الطفل للعلاج المبكر خلال العام الأول من عمره، إذ يمكن بذلك الحيلولة دون إصابته بعيوب لا يمكن إصلاحها في عملية تطور الجهاز السمعي بعد ذلك، مع التحذير من أنه إذا لم يتم تحفيز الجهاز السمعي لدى الطفل خلال العام الأول من عمره، أو إذا حدث على نحو غير كاف، فلن يمكن تعويض ذلك في وقت لاحق.
تطور الجهاز السمعي
و يضيف خبراء في المجال أن جهاز الطفل السمعي يتطور خلال عامه الأول بشكل يمكنه من معالجة الإشارات الصوتية بكفاءة، لذلك يتسبب عدم علاج ضعف حاسة السمع لدى الطفل في هذه المرحلة الحساسة من عمره في عدم تطور قدرته على السمع بشكل سليم، وفقدانه للقدرة على تحليل الإشارات الكلامية على نحو سليم أيضا، ومن ثم تتراجع القدرة اللغوية لديه ويتراجع تطوره المعرفي بشكل عام.
و علاوة عليه، عادة ما يرجع ضعف حاسة السمع الخلقي أو الذي يصيب الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة إلى وجود عيب في الأذن الداخلية وتحديدا في قوقعة الأذن، ويطلق على هذا الاضطراب اسم “الصمم التيهي”. ويمكن أن يرجع السبب إلى عوامل وراثية، أو بعد إصابة الطفل بعدوى مثلا أو بعد تعرضه للإصابة في الجمجمة، مؤكدا أن خضوع الأطفال حديثي الولادة لفحص حاسة السمع يتيح إمكانية التعرف على هذا الاضطراب وعلاجه في الوقت المناسب.
ويؤكد أخصائيو صناعة السماعات أنه حتى إذا تم تشخيص حالة الطفل بالفعل على أنها إصابة بالصمم التيهي، فيمكن علاجه أيضا على نحو فعال، إذ يتوافر في الوقت الحالي العديد من سماعات الأذن المناسبة للأطفال والتي يمكنها أن تجعلهم يسمعون على نحو جيد، مما يتيح لهم اكتمال عملية تطورهم بشكل طبيعي وسليم.
إضافة إلى أن استخدام هذه السماعات أصبح متاحا أيضا بالنسبة للأطفال الرضع الصغار للغاية، إذ تم تطوير أجهزة سمعية صغيرة وحديثة خلال الأعوام الماضية مصممة خصيصا للأطفال الصغار، مؤكدا أنه يمكن تحقيق المعدل الطبيعي للسمع لدى أغلب الأطفال باستخدام هذه الوسائل التقنية.
بأسرع ما يمكن!!!
ويدعو الخبراء الآباء لعدم القلق بشأن استخدام مثل هذه الأجهزة الإلكترونية مع أطفالهم، محذرا من الانتظار لأي سبب كان، لأنه يؤدي إلى ضياع فرصة الطفل في العلاج والتمتع بحاسة سمع طبيعية، إذ أن تطور حاسة السمع لدى الطفل يكتمل عادة عند بلوغه ثلاث إلى أربع سنوات.
أما عند الإصابة بضعف شديد في السمع أو صمم كامل، فإنه غالبا لا يكفي حينئذ ارتداء سماعة الأذن، مؤكدا أن اللجوء لزراعة قوقعة الأذن الإلكترونية التي يتم تركيبها في الأذن الداخلية يمثل خيارا ناجحا في علاج مثل هذه الحالات، مع العلم بأنه عادة ما يتم إخضاع الطفل لهذه الجراحة بعد بلوغه عاما تقريبا.
كما أنه في السابق كان يتم تركيب سماعات أذن للأطفال لحمايتهم من تراجع قدراتهم السمعية على أفضل قدر ممكن، ولكن الآن أصبح يتم إجراء جراحات زراعة القوقعة هذه للأطفال الصغار إذا ما ثبت أن السماعات ليست كافية لدعم القدرة السمعية لديهم.
فإذا عانى الطفل الذي يبلغ من العمر عامين من عدم القدرة على التحدث جيدا، فغالبا ما يرجع ذلك إلى إصابته باضطراب في عملية وصول الصوت إلى الأذن الداخلية، أي أن حاسة السمع تكون هي المسؤولة عن تراجع القدرة اللغوية لدى الطفل.
وعادة ما يمكن للطبيب اكتشاف هذه العيوب خلال الفحص، فإذا كان السبب في ضعف السمع تجمع السوائل في الأذن الوسطى لدى الطفل، وليس الإصابة بالصمم التيهي، فعندها يمكن إجراء عملية جراحية يتم خلالها فتح طبلة الأذن وتركيب ما يسمى “أنبوب الطبلة”، وبذلك يمكن التأكد من أن عملية التطور اللغوي لدى الطفل ستسري بشكل طبيعي.