سماعات الأذن تهدد 1,35 مليار شاب بفقدان السمع
بعد مراجعة 33 دراسة تحتوي على بيانات أكثر من 19 ألف مشارك، تراوحت أعمارهم بين 12 و34 عاما، توصلت دراسة جديدة استهدفت معرفة مدى انتشار ممارسات الاستماع غير الآمنة بين المراهقين والشباب، بسبب الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة، واستخدام سماعات الأذن والهواتف الذكية وسماعات الرأس: إلى أن “العدد التقديري للأشخاص الذين يمكن أن يتعرضوا لخطر فقدان السمع، نتيجة الاستماع غير الآمن، في جميع أنحاء العالم يتراوح من 670 مليونا إلى 1.35 مليار”.
وقال الباحثون “إن عادات الاستماع للموسيقى بمستويات أعلى من الموصى بها، تُعرّض ما يصل إلى 1,35 مليار شاب من مستخدمي سماعات الرأس في العالم لخطر فقدان السمع”، و أوضحوا أن المشكلة تكمن في “مستويات الصوت غير المستقرة وغير المنظمة في أجهزة الاستماع الشخصية”، وخصوصا أن معظم المستخدمين يختارون سماعات تصل قدرتها إلى 105 ديسبلات، ويتعرضون في أماكن الترفيه لمستوى يراوح بين 104 و112 ديسيبل، “وهي مستويات أعلى بكثير من تلك التي تعدّ آمنة بوجه عام” (المستويات الآمنة هي الأقل من 80 ديسيبل، حسب أبحاث سابقة.
أرقام مخيفة ومعايير جديدة
الدراسة الجديدة تدعم أبحاثا أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها “سي دي سي” CDC عام 2011-2012، و وجدت أن “ضعف السمع الناتج عن التعرض للضوضاء الصاخبة منتشر على نطاق واسع في الولايات المتحدة حيث أثر على نحو 10-40 مليون بالغ”.
كما تدعم أيضا ما حذرت منه منظمة الصحة العالمية العام الماضي، قائلة “إن ما يزيد على مليار من المراهقين والشباب، بين 12 و 34 عاما، مُعرّضون لخطر فقدان السمع الذي لا يمكن علاجه”، بسبب التعرض المطول والمفرط للموسيقى الصاخبة والأصوات الترفيهية الأخرى، “مما قد تكون له عواقب وخيمة على صحتهم الجسدية والعقلية والتعليم وفرص العمل”. وقالت إن أكثر من 5% من سكان العالم (432 مليون بالغ و34 مليون طفل يعانون من ضعف السمع المُعَوِّق؛ وتوقعت أن يرتفع هذا العدد إلى 700 مليون شخص على الأقل، بحلول عام 2050 أيضا.
كما توقعت أن يصل عدد ضحايا الأصوات الصاخبة إلى 2.5 مليار بحلول عام 2050، وذكرت في تقريرها أن “فقدان السمع يكلف الاقتصاد العالمي 980 مليار دولار أميركي سنويا، بسبب تكاليف القطاع الصحي، وأجهزة السمع، والدعم التعليمي، وفقدان الإنتاجية، وكذلك التكاليف المجتمعية”.
لذا، أصدرت المنظمة في مارس/آذار الماضي، بمناسبة اليوم العالمي للسمع، معيارا دوليا جديدا بشأن الاستماع المأمون في الأماكن والفعاليات، من 6 توصيات تتضمن “ألا يتجاوز متوسط مستوى الصوت 100 ديسيبل”. وكانت المنظمة قد أصدرت في عام 2019 معيارا عالميا يحدد “أجهزة الاستماع الشخصية المأمونة التي توفر للمستخدمين خيار ضبط مستوى الصوت ومدة الاستماع”.
“الإيربودز” هي الأكثر خطورة
“الإيربودز” (Airpods) هي سماعات توضع داخل الأذنين، وتبدأ خطورتها “عند تشغيل الموسيقى الصاخبة بالقرب من طبلة الأذن، مما قد يسبب فقدانا دائما للسمع”، وفقا للدكتورة ميلاني ل. بيتون، طبيبة الطوارئ في مستشفى نيمور للأطفال بفلوريدا، التي تحذر من “تلف الأذن الداخلية، فهو لا يشفى أبدا بل يزداد السمع سوءا بمرور الوقت”، لأنه عادة ما يستغرق فقدان السمع الناجم عن ضوضاء استخدام سماعات الأذن بعض الوقت، “فلا يعرف كثير من الناس أن لديهم مشكلة إلا بعد فوات الأوان”، فقد يكون لديك ضعف في السمع وأنت لا تشعر.
لكنها توضح أن الوقاية من فقدان السمع الناجم عن ضوضاء سماعات الأذن ممكنة بنسبة 100% “إذا لم تُستخدم بصوت عال جدا لفترة طويلة” (أقل من 80 ديسيبلا وبما لا يتجاوز ساعة)، وفقا للخبراء.
وتحذر من خطر الاستماع إلى الموسيقى بصوت عال في هذا النوع من السماعات، “لأنها تعزلك عما يحدث حولك، مما قد يُعرضك للحوادث”. فإذا كنت تقود دراجة، على سبيل المثال، فمن الصعب أن تسمع صوت أي تنبيه. وذلك ينطبق على سماعات الرأس التي تُغطي الأذنين، فهي تلحق الضرر بحاسة السمع إذا استخدمت بصوت عال جدا، لفترة طويلة، وإن كانت ليست بخطورة سماعات “الإيربودز” التي يمكن أن “يؤدي حشرها في قناة الأذن إلى زيادة حجم الصوت بمقدار 6 إلى 9 ديسيبلات، مما يكفي للتسبب في مشكلات خطيرة”، حسب بيتون.
الحدود الآمنة ونصائح الخبراء
توصي المعاهد الوطنية للصحة بأن يكون “الاستماع عند 70 ديسيبل أو أقل، ليبقى في النطاق الآمن، ولا يُسبب فقدان السمع”، وتحذر من أن “التعرض الطويل والمتكرر للأصوات عند 85 ديسيبل أو أعلى منها يمكن أن يسبب خطورة. وكلما ارتفع الصوت كان الوقت الذي يستغرقه حدوث فقدان السمع الناجم عن الضوضاء أقصر”.
وأخبر الدكتور سام كوث، الباحث في صحة الأذن بجامعة مانشستر، صحيفة “واشنطن بوست” Washingtonpost، بقاعدة عامة هي: “إذا كنت تستخدم سماعات أذن فقم بإخراجها من أذنيك، واجعلها بعيدا عن متناول اليد”، مُشددا على أن “سمعك لن يعود بمجرد أن تفقده، ومن ثم ستصاب بفقدان السمع لبقية حياتك”، ومحذرا من أن “الدراسات ربطت فقدان السمع بالاكتئاب، وانخفاض الدخل، وحتى بزيادة خطر الإصابة بالخرف”، وكل ذلك سيكون له تأثير على حياتك. وهو ما أيده باحثون وجدوا أن ضعف السمع لدى الأطفال يمكن أن يؤدي إلى أداء تعليمي أضعف، وتركيز أقل، كما يمكن ربطه بتدهور الصحة العقلية، والضعف الإدراكي، وحتى مشاكل القلب، لدى البالغين”، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
أما الدكتورة بيتون فتقول “كن رجعيا مع سماعات الرأس، وابدأ بالعودة إلى الأنواع القديمة”، مثل سماعات حجب الضوضاء، التي لن تضطرك إلى رفع مستوى الصوت، لأنها تجعلك تسمع جيدا، “وإن كانت ليست خيارا مناسبا إذا كنت بحاجة إلى سماع العالم من حولك”.
ومن الأشياء التي تساعد في حماية سمعك أن تستخدم سدادات الأذن في البيئات الصاخبة، وتحافظ على مسافة بينك وبين مصادر الضوضاء، وتختار الهواتف المحمولة المزودة بميزة التنبيه للصوت المرتفع جدا.