الخمس مليغرامات التي تتحكم بمصير الإنسان

مثل البصر، السمع هو رأس مال ثمين في حياتك، يتطلب مراقبة مبكرة، دورية و منتظمة، لذلك لا تتردد في اتخاذ جميع الخطوات الوقائية اللازمة للحفاظ على هذا الكنز الهش والحساس، الذي لا يزيد وزن بعض مكوناته عن (05) خمسة مليغرامات، أي ثلث وزن النملة.

ضعف السمع، يمكن أن يتطور بسرعة، فهو يؤثر على الملايين من الناس ، من مختلف الأعمار.

تصرف عند أول شك تصادفه ….

الصمم ماكر في نشأته و يتطور “بهدوء” إلى أن تفقد آذاننا حساسيتها، فمن منطلق غريزي نتكيف شيئًا فشيئًا مع هذه الخسارة، و نسعى لتعويضها بأبسط الوسائل، تمامًا كما يحدث عندما يفرض علينا الألم إيجاد مسكن جيد له ليتم نسيانه …

حيث تظهر “فترات غياب السمع” ببطء شديد، دون أن نحرك ساكنا حتى نعتاد على ذلك، ومع ذلك، فإن بعض العلامات لا يمكن تجاهلها : تماما عندما نحاول عبثا فهم ما يقال على طاولة الطعام، حيث فقدنا الشعور بالراحة أثناء الوجبة العائلية، و هذا ما يجعلنا منهكين جسديا و معنويا.

 و نطرح حينها التساؤل .. هل سقطنا في هاوية الصمم؟

تصرف بشكل عاجل….

ومع ذلك فإن فقدان السمع ليس خبيثًا دائمًا: فقد تتم الإصابة به دون سابق إنذار، مثلما يمكنك الاستيقاظ من النوم  و لم يعد بإمكانك سماع الأصوات، من الأفضل عدم الاستخفاف، تصرف قبل أن ينتقل الصمم إلى الأذن الأخرى لتضيف إلى هذه الخسارة الفادحة صممها المتفاقم الذي لم يكن بالحسبان، بل كان بسبب استهانتك و استخفافك، عليك مراجعة طبيب الأنف والأذن والحنجرة في أسرع وقت ممكن.

otoscope

ضعف السمع و التدهور المعرفي

هناك علاقة بين ضعف السمع والتدهور المعرفي، وهذا ما يؤكده ملخص نُشر لأحد الهيئات الصحية الإستشارية بفرنسا – جويلية 2006 –

بسبب انتشاره وعواقبه، حددت الأبجديات العلمية أن فقدان السمع و اعتباره مشكلة صحية عامة رئيسية، في الواقع لا يقتصر تأثير فقدان السمع على ضعف السمع وحده ولكنه يشمل أيضًا جميع القيود الوظيفية بخلاف تلك السمعية التي تسببها هذه الإعاقات، وبالتالي تشير العديد من الدراسات إلى أن فقدان السمع يؤدي في كثير من الأحيان إلى تدهور الحياة الاجتماعية (انخفاض التواصل والتفاعلات البشرية بشكل عام) والاكتئاب، التدهور المعرفي والخرف، لذلك، فإن العزلة التدريجية للفرد لها تأثير على الأبعاد العقلية والنفسية والمعرفية للشخص، بحيث صرح 90٪ من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في السمع عن ضعف آخر يرتبط بشكل أو بآخر بصفة مباشرة بعجز السمع (الجسدي، الفكري، المعرفي، المرتبط بالكلام).

كما أكدت الدراسة فيما يتعلق بالإعاقة السمعية، بأن حوالي 40 إعاقة تتعلق بفقدان السمع، تنحصر في الفئات الخمسة التالية :

المرضى الذين يعانون من قيود في وظائف السمع هم أكثر عرضة للإصابة بإعاقات معينة من غيرهم. وبالتالي، فإن الأداء المعرفي لشخص يعاني من فقدان السمع بمقدار 25 ديسيبل وهذا يعادل أداء شخص يبلغ من العمر 6-8 سنوات. لذلك خلصت النتائج إلى أن فقدان السمع مرتبط بالتدهور المعرفي بشكل متسارع.

وبالتالي، فإن القيود الوظيفية السمعية لها عواقب وخيمة على الصمم، سواء بسبب تدهور السمع، مما يقلل من القدرات السمعية، أو بسبب جميع الإعاقات الأخرى التي تنطوي عليها (الحركية، البصرية، الفكرية، النفسية، و حتى المعرفية، وما إلى ذلك) بحيث تميل العلوم الطبية إلى إثبات أن استخدام أجهزة السمع يمكن أن يقلل من الإعاقات المرتبطة بفقدان السمع.

hearing aids

و وفقًا لنتائج علمية أثبتت أن التدهور المعرفي يتسارع لدى الأشخاص الصم،  و من ناحية أخرى، عندما يتعلق الأمر بالأشخاص ضعاف السمع الذين يستخدمون أجهزة السمع، فإن هذا الأخير يتباطأ، ليقارب الأشخاص الذين يتمتعون بسمع عادي.

سواء في التدهور المعرفي، ربما يكون النشاط الاجتماعي بمثابة عامل لتعزيز القدرات السمعية: أي أن عدم وجود أنشطة اجتماعية يعزز التدهور المعرفي؛ من ناحية أخرى، فإن المشاركة فيه تساعد على إيقافه.

علاوة على ذلك، تم تأكيد فائدة الجهاز في الحد من التدهور المعرفي الزائد عدة أضعاف، و هذا في دراسات مختلفة.

Exit mobile version