سمّاعتيّ هاتين هما فراشَتي

سمّاعتيّ هاتين هما فراشَتي

اليومُ وضعَ لي الطّبيبُ جهازاً سحريّاً خلفَ أذني، مابعدَ ذلكَ شعرتُ بالسّحرِ يطغىٰ علىٰ حياتي الصّامتةِ. عرفتُ أنّ دموعَ أمّي لاتصدرُ صوتاً كما خيّلَ لي عقلي، وأنّ صوتَ أبي مرعبٌ لدرجةٍ عرفتُ معها لمَ كنتُ أشعرُ باهتزازِ الأرضِ من تحتي حين يتحدّثُ، علىٰ أيّةِ حالٍ علمتُ أنّ كلَّ الرّجالِ أصواتُهم مخيفةٌ وأنا حينَ أكبرُ سأصبحُ مثلَهم.
كنتُ أظنّ أنّ الشّمسَ حينَ تشرقُ تصدرُ صوتاً ولكن خابَ ظنّي فهيَ تطلعُ هادئةً كالسّلامِ، وكنتُ أظنّ أنّ القمرَ حينمَا يكونُ بدراً في كبدِ سماءِ اللّيلِ يصدرُ ألحاناً كالجهازِ الموجودِ فوقَ سريرِ ابنِ جارتِنا الصّغيرِ والّتي تساعدهُ علىٰ النّومِ، لكنْ هيهات فهوَ صامتٌ كاللّيلِ.
الصّوتُ الّذي يأتي من خلفي وأنا أمشي قالتْ لي أمّي بأنّه صوتُ خطواتي الصّغيرة علىٰ الأرضِ، شعرتُ بالفخرِ بنفسي فأنا لي أصواتٌ حينَ أمشي و أحسستُ بأنّي كالعساكرِ الأبطالِ الّذين شاهدتُ استعراضَهم العسكريَّ علىٰ التّلفازِ.
ظننتُ أنّ رفّةَ أعينِنا تصدرُ أصواتاً كالأصواتِ الّتي تصدرُ عن أيدينا حينما نصفّقُ، لكنّني أدركتُ أنّ ظنّي هذا مضحكٌ وتافهٌ.
مَاأثارَ استغرابي أنّ السّياراتِ تصدرُ أصواتاً مختلفةً بمجرّدِ الضّغطِ علىٰ منتصفِ المقودِ، وأنّ صوتَ جرسِ منزلِنا له صوتٌ مختلفٌ عن جرسِ بيتِ جدّي و عن بقيّةِ المنازلِ، لسذاجتي ظننتُها بنفسِ الصّوتِ و اللّحنِ.
عرفتُ أنّ النّظرةَ البريئةَ الّتي كانتْ تعلو وجهَ قطِّ جدّي حينَ يطلبُ منّي قطعةَ دجاجٍ من صحني يصحبُها صوتٌ أكثرُ براءةٍ، قالَ جَدّي بأنّهُ يدعىٰ مواءً وأنّ لكلِّ حيوانٍ صوتاً يميّزهُ، أعجبني الصّوتُ بشدّةٍ فهوَ يحرّكُ فيَّ المشاعرَ و يلائمَ النّظرةَ البريئةَ كثيراً.
أكثرَ ماأحببتُهُ من كلِّ هذهِ الأصواتِ هوَ زقزقةُ العصافيرِ في الصّباحِ الباكرِ حينَ أجلسُ جوارِ النّافذةِ.
حياتي تلوّنت بالسّحرِ بعدَ أن ارتديتُ سمّاعتيّ، لونُها أسودٌ مثل اللّيلِ، أخبرتْني أمّي أنّ سمّاعتيّ هاتين هما فراشَتي و عليّ أن أحافظَ عليها مثلما أحافظُ علىٰ قبّعتي المفضّلةِ الّتي صنعتْها لي جدّتي بيديها الخبيرتين ذاتَ شتاءٍ.
كانت أمّي محقّةً فحينَ أضعُ سمّاعتيّ بجانبِ بعضهما تبدوان كفراشةٍ مثلَ تلكَ الفراشةِ السّوداءِ الّتي رأيتُها في حديقةِ منزلِ جدّي، أعجبتْني كثيراً فقد كانت سوداءَ جميلةً عليها خطوطٌ زرقاءُ، كانت أجملَ من السّحرِ، وكذلكَ هي فراشتي_سمّاعتيّ_
الّتي فعلتْ لي كلَّ شيءٍ، قدّمت لي حياتيَ الملوّنةُ..
منقول عن الأديبة السورية شام إبراهيم
#ندعم_الصم_وضعاف_السمع
#صوتك_ونس
#مواهب_الصم_وضعاف_السمع

هل لديكم سؤال ؟ اتصلوا بنا
Une question ? un devis ? appelez-nous
Tél : 05 42 75 58 43

للحصول على رعاية جيدة، اتصلوا بنا واستفيدوا من المرافقة والنصائح لمساركم في تحسين السمع
(خدمة مجانية)

Pour une bonne prise en charge, appelez-nous et bénéficiez d'accompagenement et de conseils pour votre parcours Audition.
(Service Gratuit et sans engagement)

اظهر المزيد

كمال العباسي

شغفي بالصحة السمعية غير متناهي، فكلما غصت فيه زادت رغبتي في اكتشاف المزيد و مشاركتكم اياه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى