من الصدمة إلى الفرح: قصة أب عن استعادة ابنه محمد للسمع بعد عامين من الصمم

أنا مازن حداد، من العراق. رزقني الله بابني البكر محمد، وكانت فرحتي به لا توصف. كنت أراه يكبر أمام عيني، وكل يوم يزداد تعلقي به. كان محمد مصدر السعادة في حياتي وحياة أمه.
في أحد الأيام، استيقظ محمد فجراً وهو يشكو من ألمه في أذنه اليسرى. ظننت أنه مجرد ألم عابر أو ربما التهاب بسيط. في اليوم التالي، عاد ليشتكي من نفس الألم، ولكن هذه المرة في الأذن الأخرى. قررنا أن نأخذه للطبيب لفحصه والاطمئنان عليه.
دخلنا غرفة الطبيب بقلوب مطمئنة أن ما يمر به محمد مجرد وعكة بسيطة، ولكن بعد الفحص، تغيرت ملامح الطبيب، ونطق كلمات لن أنساها أبداً: “محمد فقد السمع”. كان وقع الخبر كالصاعقة، لم أصدق ما سمعت. كيف لطفلي الصغير، الذي لم يتجاوز السنوات القليلة، أن يفقد سمعه؟!
لم أستطع التوقف عن التفكير في هذا الأمر. الصدمة كتمت مشاعر الفرح والضحك في بيتنا. لأشهر، لم أتمكن أنا ولا أمه من الابتسام. كانت كل لحظة تمر علينا ثقيلة، وكأن الحياة توقفت. أكثر ما آلمني هو رؤية محمد يتألم، ونحن لا نستطيع فعل شيء.
ثم جاء اليوم الذي فرض علينا اتخاذ أصعب قرار في حياتنا: إجراء عملية لزرع القوقعة. كنت أتجنب هذا القرار، أتهرب منه باستمرار، لأني لم أستطع تحمل فكرة أن يخضع طفلي الصغير لعملية جراحية في رأسه. كان القرار يثقل كاهلي كأب، والشعور بالمسؤولية والخوف من المجهول كان يحاصرني.
لكن، بعد الكثير من التفكير والقلق، قررنا المضي قدماً. كان يوم العملية مليئًا بالتوتر، ولكن بعد نجاحها، تغيرت حياتنا. لحظة تشغيل القوقعة لأول مرة كانت من أسعد لحظات حياتي. عندما سمع محمد أول صوت بعد عامين من الصمت، انطلق يضحك، ضحكة عفوية تملأ قلبه الصغير بالفرح. كانت تلك اللحظة بمثابة شفاء لقلوبنا المكسورة.
أضحك محمد، وضحكنا معه، ضحكات ملأت المكان وأعادت لنا الأمل. من خلال تجربتي هذه، أنصح كل أب وأم أن لا يترددوا في اتخاذ القرار بإجراء العملية. الفرح الذي شعرنا به يستحق كل العناء، ولن يندموا أبداً.